قصة قراتها منذو فترة واحببت ان انقلها لكم لما لها من معاني رائعة ............
منديل ابيض :
بينما كان أحد رجال الأعمال، مسافرا في القطار، جلس بجانبه شاب، لم يزد عمره عن السابعة عشر. كانت تبدو على الشاب، علامات القلق والتوتر، فلم يتكلم مع أحد، بل كان ملصقا وجهه، باهتمام على النافذة، وكأنه ينتظر أن يرى أحدا من الخارج... لكن من يستطيع رؤية أي شيء، وسط ذاك الظلام الحالك.
مضت الحال هكذا معظم الليل، وأخيرا انقطع الصمت، عندما سأل الشاب، رجل الأعمال الجالس مقابله، عن الساعة... وإن كانوا قد اقتربوا من محطة "عفو". أجابه رجل الأعمال عن سؤاله، ثم أردف قائلا: لا أعتقد بأن القطار يقف في تلك القرية، لأنها مجرد قرية صغيرة. أجابه الشاب: لقد وعدني المسؤول في القطار، بأن يقف ليتسنى لي النزول إن أردت ذلك، لأنني كنت أعيش هناك قبلا.
عاد الصمت مرة أخرى، لكن ما أن بدأ الحديث من جديد، حتى أخبر ذلك الشاب قصة حياته.
فقال: منذ أربعة أعوام، كنت أعيش مع عائلتي في قريتي، إلى أن جاء يوم، ارتكبت فيه أمرا رديئا جدا ومشيناً، فضاق بي الأمر، وقررت حينها ترك المنزل.
لم أودع أحدا، بل غادرت البيت فجأة، وها قد أصبح لي أربعة سنين أعاني من الوحدة، وأنتقل من مكان إلى مكان، حيث أعمل بضعة شهور هنا، وبضعة شهور هناك، لا أعلم إلى ما يكون مصيري.
سأل رجل الأعمال ذلك الشاب: وهل ينتظر أحد عودتك؟
أجابه: لست أدري؟ لقد أرسلت رسالة إلى والدي منذ بضعة أسابيع، مخبرا إياه، بأنني سأمر في هذا اليوم في القطار، وبحيث أن منزلنا ليس بعيدا عن سكة الحديد، طلبت منهم أن يعطوني علامة. فإن كانوا يريدون مسامحتي، ويقبلوني من جديد معهم، فما عليهم إلا أن يضعوا منديلا أبيض مقابل بيتنا. وإلا..فلن أعود إلى الأبد...
في المقلب الآخر..
حال وصول رسالة صاحبنا إلى ذويه،
لم يعد لذلك الأب وتلك الأم أي مقدرة على الانتظار، فلقد اشتد الشوق بهم إليه، وطالما انتظروا ابنهم ليعود إلى بيته...فلقد طال غيابه ولا بد من العودة. فالمرء في غير بلده وبعيداً عن أهله له من الذل نصيبٌ كبير..
أخذت تلك الأم كل ما لديها من شراشف بيضاء وعمدت إلى تعليقها على سطح البيت.
ولكن الأب توجس خيفة وقال في نفسه، لعل ابني لم ينتبه إلى تلك الشراشف وسط الليل.. فأخذ يلف الأشجار التي أمام البيت، بكل ما وجد عنده من أقمشة بيضاء...
ازدادت ضربات قلب ذلك الشاب عندما اقترب منه المسؤول عن القطار معلنا بأن قريته أصبحت على بعد 5 دقائق فقط، وعليه أن يخبره بأسرع وقت ممكن، ليتسنى له إيقاف القطار.
أخذ ذلك الشاب يحدق باجتهاد من النافذة، والرجل ينظر معه باهتمام بالغ. كان الصمت مطبق، تعكر صفوه أنفاس الشاب المضطربة والمتلاحقة.. ومرت الثواني وكأنها ساعات...
بعدها.. لمح الإثنان معا شجرة عليها منديلا أبيض، لكن لم يكن قد اقتربوا بعد من البيت، ثم رأوا شجرة ثانية، وثالثة.. وأخيرا... إذ بهم يرون البيت، والأشجار، وكل ما هو قرب البيت، جميعها، وقد التفت بشراشف وأقمشة بيضاء.
إن محبة ذلك الأب وتلك الأم لابنهم، دفعتهم لوضع كل تلك الأقمشة البيضاء، معلنين بذلك رغبتهما في المصالحة، وفي رجوع ابنهم المخطئ إليهم... فقد طال الفراق!.
سل الله الإياب من المغيب
فكم قد رد مثلك من غريب
وسلّ الهم عنك بحسن ظن
فلا تيأس من الفرج القريب!!
لعلك لم تصالح ربك.. هو دائماً يريد مصالحتك، وكل شيء معد لك لتعود..مهما كنت بعيداً..
هل ترغب بالمصالحة؟ تصالح "الآن" مع ربك .. خالقك الذي يحبك.. إنه في إنتظارك..
باب التوبة مفتوح لنا دائما.. لندخله ، فهناك السعادة..
فلفقد جاء في الحديث الشريف: إن السعادة ، كل السعادة: طول العمر في طاعة الله تعالى.
رحمة ربي ..
واسعة هي رحمة الله... لقد وسعت كل شيء.. وهي حتما تسعك وتسعني..
فلنحسن ظننا بالله .. فما أُوتي عبد خير الدنيا والآخرة إلا بحسن ظنه بالله الرحمن الرحيم.
ولنتذكر دائماً.. محطات "عفو" عديدة في مسار قطار حياتنا